هذا بحث في مجال الإعجاز العددي يظهر عجائب القرآن الكريم وهي تتجلى في عصر التكنولوجيا الرقمية الذي نعيشه اليوم... لنقرأ
الحمد الذي حفظ لنا هذا القرآن من التحريف والتبديل فوصلنا كما أُنزل على
قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، اللهم صَلِّ على هذا النبي الأمي
صلاة تنفعنا بها في الدنيا والآخرة، واجعل هذا البحث نافعاً يبتغى به وجهك
الكريم ..
وبعد …
فقد كثر الحديث في الأيام الماضية عن موضوع الإعجاز العددي في القرآن
الكريم وقد دأب بعض العلماء على نقد هذا العلم الناشىء بسبب كثرة الأخطاء
التي ترافقت مع ظهور أول بحث حول العدد تسعة عشر وانحرافات صاحب هذه البحث
،حيث وصلت به المبالغة إلى تحديد موعد قيام الساعة الذي لا يعلمه إلا الله
تعالى .
فلذلك رأى بعض هؤلاء العلماء أنه لا فائدة من دراسة هذا الجانب الرقمي
ورأى البعض الآخر أن الاهتمام بأرقام القرآن وعدّ حروفه وكلماته يصرف
المؤمن عن معاني آيات الكتاب ودلالاتها وأحكامها الفقهية .
لذلك سوف نعيش من خلال هذا البحث مع حقائق رقمية ثابتة نؤكد من خلالها
للسادة العلماء والقراء الأفاضل وجود معجزة رقمية مذهلة ، وأن هذه المعجزة
تزيد المؤمن إيماناً بالله تعالى وهي بمثابة الحُجّة التي تثبت له صدق
كلام الحقّ عزّ وجلّ ، وأن الله قد حفظ كتابه من التحريف ،وأنه لا يمكن
للبشر ولو اجتمعوا أن يأتوا بمثل آية واحدة من كتاب الله تعالى . وسوف
نقصر البحث على أول آية من القرآن الكريم (بسم الله الرحمن الرحيم ) ،
لنرى عجائبَ وأسراراً في بنائها الرقمي . والسؤال الذي نوجهه لكل من لا
يقتنع بهذه المعجزة : كيف جاءت هذه التوافقات مع الرقم سبعة وما هو مصدرها
؟
إذا دخلنا إلى مكتبة ضخمة تمتلىء بالكتب وسألنا القائمين عليها : كيف
تحافظون على هذا العدد الضخم من الكتب من النقصان أو التغيير أو الضياع ؟
إن الإجابة ستكون طبعاً بواسطة لغة الأرقام .
فقد تم ترقيم هذه الكتب بتسلسل معين بحيث تجري عملية جرد وإحصاء مستمرة
لها كل فترة من الزمن من خلال مراجعة أرقام الكتب التسلسلية وحيث نجد
خللاً في سلسلة الأرقام فهذا يعني وجود نقص في الكتب داخل المكتبة .
هذا مثال مبسط لتخيل فكرة الإعجاز العددي ، فقد رتب البارئ سبحانه كلمات
وحروف وآيات وسور كتابه المجيد وفق تسلسل رقمي دقيق جداً ، بحيث أنه إذا
نقص حرف أو زاد حرف أو تغير موضع كلمة من كلماته ، فإن هذا سيؤدي إلى تغير
وخلل في البناء الرقمي القرآني .
وهذا ما سنبرهن عليه في بحثنا هذا ،ولكن قبل أن نبدأ استعراض الحقائق
الرقمية يجب أن نجيب عن سؤال مهم وهو : ما هي الطريقة الرياضية الأنسب
التي اختارها الله تعالى ليحفظ بها القرآن من التحريف ؟ هذه الطريقة ستكون
بمثابة برهان وتوقيع إلهي على صدق كلامه عز وجل .
نحن جميعاً نعلم العمليات الحسابية الأربعة : الجمع والضرب والقسمة والطرح
. إن عملية الجمع يمكن أن تضبط العدد الإجمالي للحروف أو الآيات أو السور
، ولكن لا تستطيع ضبط التفاصيل داخلها ! كيف ذلك وما معنى هذا الكلام ؟
نلجأ إلى أول آية من كتاب الله عز وجل وهي البسملة : (بسم الله الرحمن
الرحيم) ، فإذا جمعنا عدد حروفها نجد الرقم (19) الذي يمثل مجموع حروف
البسملة .
ولكن إذا حدث تبديل بين تسلسل كلمات الآية فإن المجموع يبقى (19) ، إذن
عملية الجمع لا تحافظ على تسلسل الكلمات ، إذن لابد من وجود نظام رياضي
آخر يحافظ على تسلسل الكلمات في القرآن الكريم : إنها طريقة صف الأرقام .
لو قمنا بعدّ حروف كل كلمة من كلمات البسملة فإننا نجد :
كلمة (بسم ) عدد حروفها (3) حروف
كلمة (الله ) عدد حروفها (4) حروف
كلمة (الرحمن ) عدد حروفها (6) حروف
كلمة (الرحيم ) عدد حروفها (6) حروف
إن مجموع هذه الأرقام هو : 3+4+6+6=19 حرفاً ، فإذا ما تغير ترتيب هذه الكلمات كما قلنا يبقى المجموع نفسه.
والله تعالى حفظ تسلسل كلمات كتابه، لذلك اختار طريقة صف الأرقام كما يلي، لنكتب البسملة وتحت كل كلمة عدد حروفها :
بسم الله الرحمن الرحيم
3 4 6 6
إذا قرأنا العدد الذي يمثل تسلسل حروف البسملة كما هو دون جمعه يصبح
(6643) ستة آلآف وست مئة وثلاثة وأربعون، ميزات هذا العدد أننا نرى فيه
حروف كل كلمة من كلمات البسملة، ففي العدد (6643) الرقم (3) يمثل حروف أول
كلمة، الرقم (4) يمثل عدد حروف الكلمة الثانية وهكذا ..
ولكن ما هو الميزان الذي بواسطته ينضبط العدد (6643) ليبقى محفوظاً برعاية
الله تعالى ؟ إنها عملية القسمة على رقم محدد ، أو مضاعفات هذا الرقم.
ولكن السؤال : ما هو الرقم الأنسب الذي اختاره الخالق عزّ وجلّ لكتابه
ليبني على أساسه النظام القرآني ؟ إن الرقم الأكثر تميّزاً بلا شك هو
الرقم (7) ، ولكن لماذا اختار الله تعالى هذا الرقم بالذات ؟ لنقرأ الفقرة
الآتية .
الرقم هو لغة الكون
فكل ما نراه من حولنا يخضع لقوانين رياضيّة مُحكمَة فإذا ما تأملنا الذرّة وبناءها وحركتها وجدنا أن كل شيء فيها يسير بنظام محكم.
وإذا ما تأملنا في هذا الكون الواسع رأينا النظام الدقيق يحكم كلّ نجم وكلّ مجرة وكل شيء.
إن جميع ذرات الكون تتألف من سبع طبقات ، الأرض التي نعيش عليها هي سبع طبقات أيضاً، وهذا ما كشفت عنه أحدث البحوث العلمية اليوم .
وإذا ذهبنا إلى الضوء الذي نراه وجدنا أنه يتركب من سبعة ألوان وهي ألوان
الطيف الضوئي، وحتى الصوت الذي نسمعه يتألف من سبع نغمات هي العلامات
الموسيقية .
هذا ما يتعلق بالمكان فماذا عن الزمان ؟ كلنا يعلم أن أيام الأسبوع هي
سبعة ؟ هذه الدلالات تقود للاعتقاد بوجود نظام كوني قائم على الرقم سبعة.
أما في التاريخ : فإن للرقم سبعة حضوراً قوياً في حياة الشعوب القديمة،
فقد كان يعني هذا الرقم عند هذه الشعوب الكمال المطلق، وكان يعني عند
بعضهم الشيء الكثير. فإذا ما أراد أحدهم أن يعبّر عن كثرة الأراضي التي
يملكها يقول لديه سبعاً!
أما في القصص القديمة : فيحتل الرقم سبعة مكاناً مقدساً .
فمنذ زمن سيدنا نوح عليه السلام كان الرقم سبعة يدلّ على وحدانية الخالق
وقدرته، ومن ذلك قول نوح عليه السلام لقومه ليقنعهم بصدق رسالته : (أَلَمْ
تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً) (نوح:15) .
أما في قصة يوسف عليه السلام فقد تكرّر هذا الرقم كثيراً، (وَقَالَ
الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ
عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا
الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تَعْبُرُونَ)
(يوسف:43) ، وهذا دليل على أهمية هذا الرقم في حياة الفراعنة بمصر القديمة
.
وفي الطب والشفاء : نعلم بأن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم كان
إذا دعى للمريض بالشفاء دعا سبع مرات . حتى إن الرقم سبعة هو الرقم الأكثر
تكراراً في أحاديث هذا النبي الأميّ عليه الصلاة و السلام : مثلاً " سبعة
يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله....".
في عبادتنا للخالق عز وجل : يتكرر الرقم سبعة ، فنحن في كل ركعة نقرأ
بالفاتحة وهي السبع المثاني وهي سبع آيات ، وعند سجودنا نسجد على سبعة
أعضاء، وعند ذهابنا لبيت الله العتيق نطوف سبعة أشواط ، ونرمي سبع جمرات ،
حتى إن الله عز وجل بعلمه الأزلي اختار لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
عمراً ليعيشه ،وهو من مضاعفات الرقم سبعة ،وهو (63) سنة هي السنوات التي
عاشها الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم (63=9×7) .
والآن ماذا عن كتاب الله سبحانه وتعالى ؟ هنالك حقائق رقمية عجيبة في
القرآن الكريم جميعها جاءت متفقة مع الرقم سبعة ومضاعفاته : فعدد حروف
أبجدية القرآن هو (28) حرفاً أي (7×4) ، والعجيب في القرآن أنه يحوي
حروفاً مميزة ميزها الله تعالى ووَضعهَا في مقدمة بعض السور مثل (الم ـ
الرـ حم ـ يس ....) ، عدد هذه الافتتاحيات بالضبط أربعة عشر (بدون المكرر)
وعدد الحروف التي تركبت منها هو أيضاً أربعة عشر (بدون المكرر) ونحن نعلم
أن العدد 14 من مضاعفات السبعة (14=7×2) .
ولو فتحنا هذا القرآن لرأينا السورة الأولى فيه هي فاتحة الكتاب وهي سبع
آيات وعدد الحروف التي تركبت منها واحد وعشرون حرفاً أي من مضاعفات السبعة
(21=7×3)!
والشيء العجيب في هذه السورة أيضاً أن حروف اسم (الله) تعالى تكررت في السورة كاملة بالتمام والكمال (49) مرة أي سبعة في سبعة !!
عدد السماوات سبع، وتكررت عبارة (السماوات السبع) و(سبع سماوات) بالضبط 7 مرات وذلك في القرآن كله بعدد هذه السماوات !
وعندما نتدبر كلمات القرآن نرى شيئاً عجيباً وهو أن الرقم سبعة هو أول رقم ذكر في القرآن !
ولو أحصينا المرات التي ذُكر فيها هذا الرقم بين جميع الأرقام لرأينا أن
الرقم سبعة هو الأكثر تكراراً في القرآن الكريم بعد الرقم واحد !
ولكن من عجائب الرقم سبعة أنه ذكر للمرة الأولى في القرآن الكريم في سورة
البقرة : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ
اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ
بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (البقرة:29) ،وآخر مرة ذُكر فيها الرقم 7 في سورة
النبأ (وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً) (النبأ:12، ولو قمنا بعد
السور من السورة الأولى وحتى الأخيرة لرأينا 77 سورة من مضاعفات السبعة ،
ولو عددنا الآية من الآية الأولى وحتى الأخيرة لوجدنا عدداً من مضاعفات
السبعة كذلك (5649آية ) ، ولو قمنا بعدّ الآيات من أول سورة البقرة وحتى
آخر سورة النبأ لوجدنا عددا ًمن مضاعفات السبعة كذلك (5705آية )!!!
حتى إن الله تعالى قد جعل لجهنم سبعة أبواب وتكرّر ذكر كلمة (جهنم) في القرآن كله 77 مرة ، أي من مضاعفات الرقم سبعة .
إن هذه التوافقات المذهلة في كتاب الله تعالى مع الرقم سبعة تدل دلالة قاطعة على وجود بناء محكم قائم على هذا الرقم .
وهذا ما تناولناه في موسوعة الإعجاز الرقمي في القرآن الكريم ، وكل جزء من
أجزاء هذه السلسلة يستعرض جانباً من جوانب هذه المعجزة العددية العظيمة ،
بما يغطي حروف وكلمات وآيات وسور القرآن العظيم . وقد تمكنا بفضل الله
تعالى من أن نثبت مئة بالمئة وجود معجزة رقمية في هذا الكتاب المجيد .
وملخص هذه الأبحاث : أن في كتاب الله تعالى معجزة عجيبة قائمة على الأرقام
الأولية وأساسها الرقم سبعة .
بعدما رأينا بعضاً من دلالات الرقم سبعة في الكون والحياة والقرآن يمكن
القول : إن الله عزّ وجلّ كما نظم الكون على الرقم سبعة ، كذلك نظم القرآن
على الرقم سبعة، وهذا ما سنجده بالفعل من خلال المعادلات الرقمية الآتية :
نعود فنكتب عدد حروف كل كلمة من كلمات البسملة لنجد:
(بسم الله الرحمن الرحيم ) عدد الحروف مصفوفاً هو (6643) هذا العدد من مضاعفات السبعة ! ونكتب رقمياً :
6643÷7= 949 وهذا الناتج من عملية القسمة هو عدد صحيح بلا فواصل .
ولكي نسهل قراءة الأعداد نكتب هذه المعادلة على الشكل :
6643=7×949
ونقرأ كما يلي: إن العدد الذي يمثل مصفوفة حروف البسملة هوستة آلاف وست
مئة وثلاثة وأربعون ،هذا العدد من مضاعفات السبعة ، فهو يساوي حاصل ضرب
سبعة في عدد صحيح هو (949).
من أهم مميزات صف الأرقام حسب تسلسلها في كتاب الله تعالى أنها تحافظ على
تسلسل كلمات الآية، ولو تغيّر ترتيب أي كلمة فإن العدد المصفوف سيتغير ولن
يقبل القسمة على سبعة لأن طريقة صفّ الأرقام حساسة جداً لأي تغيير في عدد
أو تسلسل الحروف.
كما أن هذه الطريقة تتميّز عن طريقة الجمع بأن الأعداد الناتجة شديدة
الضخامة ، فكل كلمة تحتل مرتبة أو منزلة (آحاد ـ عشرات ـ مئات ـ آلاف ـ
عشرات الآلآف ـ مئات الآلآف... ) وهكذا إذا أردنا كتابة العدد الذي يمثل
مصفوف حروف الفاتحة سنجد عدداً من (31) مرتبة أي من مرتبة المليون مليون
مليون مليون مليون !!!
إذن هذه الطريقة تناسب معجزة شديدة التعقيد والضخامة تتجلى في القرن
الواحد والعشرين . والسؤال : كيف لو مثّلنا حروف كلمات القرآن كله ! إن
العدد الناتج سيتألف من أكثر من سبعين ألف مرتبة ! فتأمل ضخامة أعداد
القرآن !!
من الأشياء الممتعة في علم الرياضيات ما يسمى بالسلاسل العددية أو الرقمية
، واكتشاف ودراسة هذه السلاسل ساهم بشكل أساسي في تطور جميع العلوم مثل
علوم التكنولوجيا الرقمية، ولكن ما هي هذه السلاسل وما الفائدة منها؟
فعندما فكّر العلماء باختراع الحاسبات الرقمية كان لابد من وضع التصميم
المناسب لإنجاز العمليات الحسابية داخل هذه الحاسبات الإلكترونية .
وبما أن الحاسبة لا تفقه لغة الأرقام، تم وضع الأسس الرياضية لما سمي بالنظام الثنائي الذي يعتمد على رقمين فقط الواحد والصفر .
وفق هذا النظام يتم كتابة أي عدد مهما كبُر أو صغُر على شكل سلسلة تتألف
من الرقمين (1) و(0) ، ويتكرر هذين الرقمين بما يتناسب مع العدد المطلوب /
ولكن لماذا النظام الثنائي وما هي علاقته بالإلكترونيات ؟
في الأجهزة الإلكترونية لدينا تيار كهربائي يتألف من سيل من الإلكترونات
المتدفقة عبر أجزاء ذلك الجهاز، وفي هذه الحالة لا يمكن الحصول على أكثر
من احتمالين فقط : فإما أن يكون التيار الإلكتروني سارياً في الشبكلة وهذا
ما نعبر عنه بالرقم (1) ، أو أن يكون التيار منقطعاً عن الشبكة ، وهذا ما
نعبر عنه بالرقم (0) . إذن نحن أمام حالتين : وجود أوعدم وجود تيار، أي
نحن أمام رقمين (واحد) و (صفر).
فمثلاً عندما نكتب على جهاز الكمبيوتر الرقم (7) ، لا يفهم هذا الجهاز
الرقم سبعة كما نفهمه نحن، بل يدخل إليه وفق النظام الثنائي على شكل سلسلة
من الأرقام كما يلي :(111) ، والسؤال كيف تمّت هذه العملية ؟
الأعداد وفق النظام الثنائي تُكتب على شكل سلسلة أساسها هو(2) كما يلي:
(2 0+2 1 + 2 2 +2 3………) ، فالحد الأول في هذه السلسلة هو (2 0) أي اثنان
مرفوع للأس صفر ،وهذا يساوي الواحد . ونحن نعلم بأن أي عدد نرفعه للأس صفر
فإنه يساوي الواحد دائماً .
الحد الثاني في السلسلة هو (2 1) اثنان مرفوع للأس واحد وهذا يساوي اثنان،
الحد الثالث هو (2)2 اثنان مرفوع للأس اثنان وهذا يساوي (2×2) أي أربعة،
الحد الرابع هو (2)3 اثنان مرفوع للأس ثلاثة وهو يساوي (2×2×2) =8 ..
وهكذا .
إذن السلسلة الثنائية تكتب كما يلي : ( 1 2 4 8 16 32 64 ...) .
وإذا ما أخذنا مجموع الحدود الثلاثة الأولى : (1+2+4) فإن الناتج يساوي
سبعة، ويمكن أن نكتب : (111) في النظام الثنائي = (7) في النظام العشري.
وكما نرى فإن السلسلة تتألف من مجموعة أرقام كل رقم يساوي ضعف الرقم السابق أي تتضاعف الأعداد باستمرار .
الآن نأتي إلى النظام العشري الذي نستخدمه في حساباتنا العادية وهذا
النظام يمكن تمثيله بواسطة سلسلة رقمية أساسها الرقم (10) ، ويمكن أن تكتب
بنفس الطريقة :
( 1 10 100 1000 10000 0000) ،إذن كل حّد يتضاعف عن سابقه عشر مرات .
ولكي لا نثقل على القارئ الكريم بهذه الأعداد نبقى في رحاب الآية الكريمة
ونحلل العدد الناتج والذي يمثل مصفوفة حروفها (6643) ، فهذا العدد هو
سلسلة رقمية يمكن كتابتها وفق المجموع الآتي :
( 3 × 1 ) + ( 4 × 10) + ( 6 × 100) + ( 6 × 1000) =
3 + 40 + 600 + 600 =
آحاد + عشرات + مئات + آلاف
وهذا يساوي العدد الأصلي (6643).
إذن نحن عندما نكتب عدد حروف كل كلمة من كلمات الآية بطريقة صف الأرقام ،
إنما نقوم بعدّ حروف كل كلمة ، ووضع الرقم تحت الكلمة ، ونقرأ العدد
الناتج والذي يتألف من مراتب (آحاد، عشرات ، مئات.. ) ،أي أن كل كلمة تحتل
مَنْزلة تتضاعف عشر مرات عن الكلمة التي تسبقها، إن وجود السلاسل الرقمية
في كتاب الله عز وجل ، دليل على أن القرآن العظيم قد سبق علماء الرياضيات
بقرون طويلة !!
قبل متابعة المعجزة الإلهية في البسملة نذكّر بأن العدد (6643) لا يمثل
عدد حروف الآية بل هو مصفوف حروف الآية . والسؤال : هل يكفي هذا النظام
لضبط حروف الآية وحفظها من التحريف ؟ لنقرأ الفقرة الآتية .
لزيادة ضبط حروف الآية وإحكام بنائِها فقد رتب الله عزّ وجلّ حروف اسمه في
كلمات الآية بنظام سباعي معجز ! وفكرة هذا النظام تعتمد على عدد حروف اسم
(الله) في كل كلمة . إذن لا نعدّ كل حروف الآية بل نعدّ فقط ما تحويه كل
كلمة من حروف الألف واللام والهاء (حروف لفظ الجلالة الله ) وهذا يعطي :
كلمة (بسم) لا تحوي أي حرف من حروف اسم (الله) وتأخذ الرقم (0).
كلمة (الله) عدد حروف الألف واللام والهاء (4) .
كلمة (الرحمن) عدد حروف الألف واللام والهاء (2) .
كلمة (الرحيم) عدد حروف الألف واللام والهاء (2) .
إذن نحن أمام سلسلة جديدة من الأرقام هي : (0 4 2 2) كل رقم يمثل ما تحويه كل كلمة من حروف اسم (الله) سبحانه وتعالى .
ولذلك نعيد كتابة الآية مع الأرقام الجديدة التي تمثل توزع اسم ( الله ) في كلماتها :
بسم الله الرحمن الرحيم
0 4 2 2
إن العدد (2240) ألفان ومئتان وأربعون هو عدد يقبل القسمة على سبعة من دون باق ، أي هو من مضاعفات السبعة فهو يساوي :
2240=7×320
إذن العدد الذي يمثل مصفوفة حروف الآية من مضاعفات السبعة، وكذلك العدد
الذي يمثل مصفوفة حروف اسم (الله) في الآية من مضاعفات السبعة .
في علم الهندسة بمختلف اختصاصاتها هنالك علم مهمّ يدرس توزع الأشياء الهندسية في مجالات محددة .
فمثلاً في علم هندسة الطيران وحتى تكون الطائرة ناجحة ومعالجة وتنجز
رحلالتها بسلامة ، يجب دراسة توزع الضغط حول جناحيها في كل نقطة ، ومعالجة
هذه المعطيات بحيث لا تتجاوز حدوداً هي المسموح بها .
إذن يتم تقسيم الجناح إلى شبكة مربعات ونقيس الضغط في كل مربع ثم نشكل ما
يسمى بمصفوفة المعطيات الرقمية وتتم معالجتها بطرق رياضية معروفة .
إذن عند دراستنا لتوزع حروف معينة على كلمات الآية ننطلق من أساس رياضي
متين، فكل كلمة من كلمات الآية تمثل مرتبة ومنزلة ، إما أن يكون رقمها صفر
وهذا يعني أن الكلمة لا تحوي أي حرف من حروف اسم (الله) الألف واللام
والهاء ، أو تأخذ هذه الكلمة الرقم (1) وهذا يعني أن الكلمة تحوي حرفاً من
حروف لفظ الجلالة قد يكون الألف أو اللام والهاء ..
وهكذا ندرس مصفوفة هذه الحروف ونعالج العدد الناتج بطريقة القسمة على سبعة
حيث نحصل دائماَ على أعداد من مضاعفات أو مكرارات الرقم (7) .
أيضاً هنالك أساس رياضي فيما يسمى بتقاطع المجموعات ، فنحن في البسملة
لدينا مجموعة تتألف من أربع كلمات، ويتم تقاطعها مع مجموعة هي حروف اسم
(الله) أي الألف واللام والهاء وبالتالي نأخذ الحروف المشتركة بين هاتين
المجموعتين .
إن الهدف من وجود نظام قائم على حروف اسم (الله) هو للدالة على أن الله عز
وجل هو الذي أنزل هذه الآية وأحكمها بهذا البناء العجيب . ولكن هنالك نظام
أكثر إعجازاً يقوم على أسماء الله الحسنى في هذه الآية لنقرأ.
أسماء الله
إن البارئ تبارك وتعالى أحكم بناء كتابة بشكل لا يمكن لأحدٍٍ أن يأتي
بمثله، فرتب الحروف والكلمات بنظام رياضي عجيب وفزيد . ومن أغرب الأنظمة
الرياضية هو توزع حروف أسماء الله الحسنى وهما (الرحمن ) و( الرحيم ) .
وقبل اكتشاف النظام الرياضي لحروف هذين الاسمين في البسملة يجب أن نتدبّر
معنى ودلالات كل اسم .
فالرحيم : مشتق من الرحمة لذلك نجد هذا الاسم في القرآن يرِد ويتكرر في
مواضع المغفرة والرحمة ، مثل قوله تعالى : (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ
أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ
اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ
الرَّحِيمُ) (الزمر:53) .
أما اسم (الرحمن) فنجده يرِد في مواضع الشدّة والتنزيه لله تعالى عن الولد
.مثل قوله تعالى : (وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً)
(مريم:92) .
نحن نعلم أن الشدة عكس الرحمة وقد جَمَعَت الآية صفتين لله عز وجل : صفة
التنزيه والشدة والقوة والعَظَمَة والجبروت وتمثلها كلمة (الرحمن) ، وصفة
الرحمة والمغفرة والرأفة وتمثلها كلمة (الرحيم ) .
إذن نحن أمام صفتين متعاكستين من حيث الدلالة اللغوية والبلاغية ، والسؤال
: ماذا عن النظام الرقمي لهاتين الكلمتين ؟ وهل من الممكن أن نجد تعاكساً
رقمياً يتفق مع التعاكس اللغوي ؟ هذا ما سوف نشاهده فعلاً من خلال دراسة
توزع حروف هذين الاسمين الكريمين على كلمات الآية، لذا نجد أن الأعداد
الناتجة تقبل القسمة على سبعة باتجاهين متعاكسين !!
لنكتب الآية الكريمة ونخرج من كل كلمة ما تحويه من حروف كلمة (الرحمن ) ثم نكرر العملية ذاتها مع حروف كلمة (الرحيم ) :
بسم الله الرحمن الرحيم
الرحمن : 1 3 6 5
الرحيم : 1 3 5 6
إذن نحن أمام عددين : الأول يمثل توزع حروف (الرحمن ) ويساوي (5631)
والثاني يمثل توزع حروف (الرحيم) ويساوي (6531) . والعجيب أن كل عدد من
هذين العددين يقبل القسمة على سبعة بشرط أن نقرأهما باتجاهين متعاكسين :
1- نقرأ العدد الخاص بكلمة (الرحمن) من اليمين إلى اليسار فيصبح (1365) وهو من مضاعفات السبعة :
1365=7×195
2- أما العدد الخاص بكلمة (الرحيم) فنقرأه من اليسار إلى اليمين فيصبح (6531 ) وهو من مضاعفات السبعة أيضاً :
6531=7×933
وهنا نكتشف شيئاً جديداً في الرياضيات القرآنية وهو قراءة الأعداد
باتجاهين متعاكسين ! وهذه ميزة يتميز بها كتاب الله تعالى للدلالة على أنه
كتاب مُحكَم : (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ
لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) (هود:1) .
نحن نعلم بأن التعاكس موجود في كل شيء فهنالك الخير والشر، والضلال والهدى ، الظلمات والنور، السالب والموجب .. وهكذا ..
لذلك يمكن القول بأن الله سبحانه وتعالى صمّم الكون ببناء يحتوي على
الأزواج من كل شيء ، وقال : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (الذريات:49) .
إن وجود نظام متعاكس في الكون ونظام في أرقام القرآن دليل على أن خالق الكون هو نفسه منزل القرآن.
تكرار الحروف
رأينا كيف تتوزع حروف محددة في البسملة بنظام سباعي ولكن السؤال : هل يكفي
هذا النظام لتوزع الحروف لضبط وإحكام الآية وحفظها من التحريف ؟ إن هذا
النظام كافٍ ولكن من رحمة الله بعباده وضع مزيداً من الدلائل على صدق
آياته وأن كل حرف في كتابه هو معجزة بحد ذاته .
في كتاب الله تعالى هنالك حروف مميزة ميَّزها الله عن بقية الحروف ووضعها
في مقدمة بعض (السور ، أول هذه الحروف في القرآن هي (الم) وسوف نرى علاقة
سباعية عجيبة بين أول آية (البسملة) وبين أول افتتاحية مميزة وهي (الم) .
هذه الافتتاحية تتألف من ثلاثة حروف كما أخبرنا بذلك سيدنا رسول الله صلى
الله عليه وسلم في قوله : (لا أقول الم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم
حرف) [رواه الترمذي]، إذن بدأ الله تعالى أول سورة بعد السبع المثاني وهي
سورة البقرة بثلاثة أحرف هي الألف واللام والميم .
السؤال : هل يوجد نظام محكم لتكرار هذه الحروف المميزة في أول آية ؟
إن حرف الألف تكرر في البسملة ثلاث مرات، حرف اللام تكرر أربع مرات، حرف الميم تكرر ثلاث مرات وإلى هذه الحقيقة الرياضية .
إذا كتبنا حروف (الم ) وتحت كل حرف تكراره في (بسم الله الرحمن الرحيم ) نجد :
الــــم
3 4 3
إن العدد الذي يمثل مصفوفة تكرار الحروف الثلاثة هذه هو (343) وهذا العدد
يساوي بالتمام والكمال : سبعة في سبعة في سبعة (343=7×7×7) .
إن هذه العملية ذات أساس رياضي يتمثل في نظام تقاطع المجموعات، فنحن في
هذه النتيجة أمام مجموعتين ، المجموعة الأولى تتألف من حروف البسملة
التسعة عشر، والمجموعة الثانية تتألف من ثلاثة حروف هي (ا ل م ) وتقاطع
هاتين المجموعتين يعطي مجموعة جديدة تتألف من عشرة حروف هي (ا =3، ل=4، م
=3) ومصفوف هذه الأرقام (343) يساوي سبعة في سبعة في سبعة .
وهنا لابد من تساؤل : هل كان لدى الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام علم
بنظام المجموعات الرياضية وتقاطعها وتوزع أجزائها، ونظام المضاعفات
والمكررات الرقمية ؟ إن الله تعالى هو الذي أنزل القرآن وأحكمه بنظام معجز
ليثبت لمن يشك فيه أنه كتاب من عند الله عز وجل القائل : (سَنُرِيهِمْ
آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ
أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
شَهِيدٌ) (فصلت:53) .
أليست هذه آية من آيات الله في آفاق الأرقام ؟
قد يخطر ببال من يقرأ هذه النتائج سؤال وهو لماذا اخترنا حروفاً محددة مثل
اسماء الله الحسنى (الله ـ الرحمن ـ الرحيم )، وحروفاً مميزة مثل (الم )
لدراسة توزعها أو تكرارها ، فما بال بقية الحروف ؟ والجواب ما سنقرؤه في
الفقرة الآتية .
إن عدد حروف البسملة كما رأينا في بداية البحث تسعة عشر حرفاً منها ماتكرر
ومنها مالم يتكرر ، ومن عجائب البسملة وجود نظام سباعي لتكرار حروفها .
لنكتب حروف البسملة الأبجدية (وعددها عشرة حروف ) مع تكرار كل حرف في
البسملة ونصفّ الأرقام حسب الأكثر تكراراً أي الأكبر فالأصغر كما يلي :
ل م أ ر ج ب س هـ ن ي
4 3 3 2 2 1 1 1 1 1
إن العدد الذي يمثل مصفوفة هذه التكرارات لجميع حروف (بسم الله الرحمن الرحيم ) هو:
(1111122334) هذا العدد من مضاعفات السبعة لمرتين فهو يساوي :
1111122334=7×7×22675966
إن ترتيب الحروف حسب الأكثر تكراراً له أساس في علم الرياضيات فيما يسمى
بالتصنيف والنسب . وهذا نظام موجود في عمل الكمبيوتر حيث يقوم بترتيب
معطيات معينة حسب نظام معين ، ووجود هذا النظام في القرآن دليل على السبق
العلمي للقرآن في علم التصنيف .
وهذا غيض من فيض عجائب هذه الآية الكريمة نسأل الله أن يتقبل هذا العمل ويجعله خالصاًً لوجهه الكريم[/b].[/size]